تونس .. الحرف التقليدية، هوية حضارية
تعتبر الصّناعات والحرف التقليدية جزءاً من الهوية الحضارية والتراثية في تونس، إذ تمثل عنوان أصالة وانتماء وجسراً للتّواصل بين الحاضر وبين ما تعاقب على البلاد من ثقافات ضاربة في القدم.
وتونس من أهم البلدان التي حافظت على صناعاتها التقليدية والحرفية؛ إذ ظلّت الحرف والصناعات الوطنية متجذرة في عمق التراث التونسي. وساهمت هذه الصناعات والحرف في توفير مصدردخل للكثير من العائلات التي يعمل أفرادها بها. وقد أظهرت دراسة أن قطاع الصناعات الحِرفية يسهم بنسبة 2 % من إجمالي صادرات تونس، ويوفّر 10 % من فرص العمل سنوياً.
ومن أهم الحرف التقليدية المعروفة في تونس:
– الشاشية (قبعة رجالية):
تشتهر تونس بصناعة الشاشية، وهي إحدى أنواع القبعات الرجالية التي تلقى رواجاً في العديد من الدول العربية والإسلامية بألوانها المختلفة حسب كل بلد؛ إذ يرتديها التونسيون باللون الأحمر، فيما يُفضلّها الليبييون باللون الأسود. وتُصدّر تونس حوالي 80 % من الشواشي التي تنتجها المشاغل الحِرفية في تونس.
– صناعة السجّاد:
تشتهر مدينة القيروان التونسية بصناعة السجّاد الذي يمتاز باعتماده على الألوان الطبيعية بعيداً عن استخدام الأصبغة، ويحافظ حرفيو هذه الصنعة على إنتاج السجاد بأساليب يدوية تستخدم فيها أدوات مثل “النول”.
ويُعرف التونسيين ببراعتهم في التعامل مع الصوف، الذي يُصنع منه السجّاد، من حيث تنظيفه وتجفيفه وغزله قبل تحويله إلى خيوط تَصل إلى أيدي لانساء التونسيات اللاتي يقمن بإنتاج السجاد في مشاغل صغيرة حافظت على الطرق التقليدية في حياكة السجاد، أو في بيوتهن.
وتُنتج مشاغل السجّاد التونسية أنواعاً عديدة ومعروفة عالمياً، مثل؛ “المرقوم”، وهو سجاد قصير يمتاز بوبره القصير المزيّن بالزخارف البربرية، و”الكليم” الذي يأخذ شكل المنسوجات الجدارية التي تحاك بألوان عديدة وتحظى بشهرة واسعة.
– دباغة الجلود:
تُعتبر دباغة الجلود من أهم المهن المتوارثة في تونس، حيث تقوم مدابغ الجلود بجمع جلود الحيوانات والماشية والتماسيح والأفاعي ومعالجتها لتصبح أكثر متانة ومرونة، لاستخدامها لاحقاً في العديد من الصناعات الجلدية؛ مثل الأحذية والحقائب الجلدية وحافظات النقود وغيرها من السلع التي يبحث عنها السيّاح القادمون إلى تونس.
– النحاسة:
ظهرت صناعة النُحاس في تونس مع وجود الدولة الحفصية في القرن الثالث عشر، وتُعدُّ من أقدم الصناعات الحِرفية في تونس، ورغم التحديات التي تواجه هذه المهنة، والمتمثلة في شُحّ الموارد وانخفاض أعداد السياح في ظل الظروف العالمية الأخيرة ومنها جائحة كورونا، إلّا أنّها تحافظ على أهميتها بين الصناعات التقليدية التي تصارع للبقاء؛ إذ إن زوّار تونس يحرصون دائماً على التوجّه إلى سوق النحاسين بهدف شراء الهدايا التذكارية.
وغيرها الكثير سجل منها ما يزيد على خمس وسبعين حرفة وصناعة تقليدية.
ولكن يتطلب استمرار الصناعات التقليدية دعماً مستمراً وحثيثاً. إذ يساهم قطاعه، ليس فقط في الحفاظ على موروث تونس الحضاري، بل أيضاً في تنشيط حركة التصدير وإدخال العملة الصعبة إلى البلاد، ويعدّ بذلك محركاً مهماً للعجلة الاقتصادية.
إعداد الصحفية أمل معروف