تراث العراق .. فريد من نوعه

يُعرف العراق منذ القدم بأنه مهد الحضارة. وقد أغنى تنوع شعبه العرقي والديني تراثه الثقافي المتميز. فالعراق موطن لأكثر من 10000 موقع تراث ثقافي، بدءا من مدن سومر التي يبلغ عمرها 5500 عام (حيث يتم الحفاظ على أدلة من أقدم الكتابات في العالم) إلى البقايا الأثرية للأكادية والبابلية. والثقافات الآشورية والبارثية والعباسية. ولا تنتهي فكرة أن العراق مهد الحضارة بالفترات المذكورة بل تستمر حتى الوقت الحاضر رغم تقلباتها.
كنوز أثرية

لقد تركت الحضارات العراقية كنوزاً أثرية لا حصر لها، إذ إن حضارة الوركا، وهي من المدن العراقية الضاربة في القدم، يرجع زمن تأسيسها إلى الألف الخامس قبل الميلاد، تركت “مسلة الإله لاما” وهي نصب من رخام أبيض فيه صورة منحونة لـ”الإلهة لاما” منقوش عليها بكتابات مسمارية.
أما مدينة النمرود التي تقع إلى الجنوب الشرقي من محافظة الموصل، فتُعد من المراكز الحضارية المهمة للإمبراطوية الآشورية واتخذها الآشوريون مركزاً لحكمهم منذ القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وتركت هذه الحضارة معالم أثرية مهمة مثل معبد عشتار وزقورة نمرود ومعبد نابو. كذلك مدينة أور وهي الحاضرة السومرية التي ذاع صيتها في مختلف المراحل التاريخية في الجنوب الغربي لمدينة الناصرية، فأبرز معالمها هي زقورتها. وقد بلغ الفن العراقي ذروته في هذه المرحلة في النحت وصناعة الذهب وصناعة الأختام والقصور والمعابد وتقدم فن التعدين وسبك وصب المعادن والصياغة.
أما مدينة نفر (نيبور) في محافظة الديوانية فيعود تاريخها إلى أكثر من 7000 سنة ق.م، فكانت العاصمة الدينية للسومريين والبابليين، وخلفت لنا تراثاً مهماً في مجال الزراعة، إذ احتوت على أقدم المعلومات حول الزراعة والري، وقد دوِّنت المعلومات على رقيم طيني، وتُعد أقدم تقويم معروف في تاريخ الحضارة عن الأساليب الفنية للسقي والزراعة المتبعة في تلك الأزمنة القديمة.
نهب وتدمير ممنهج
أحال تنظيم داعش الإرهابي الكثير من مواقع التراث الثقافي في المناطق التي كان يسيطر عليها إلى حطام. وفي عام 2014 أقدم التنظيم على تهريب آثار تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات. وحطم تماثيل ومجسمات أثرية في متحف الموصل بمحافظة نينوى، كما نهب القطع النفيسة من المتحف وهربها إلى الخارج. وجرف التنظيم الإرهابي مواقع أثرية مهمة، بينها مدينة النمرود (30 كلم جنوب الموصل) وتسميتها بالعربية كالخو (كالح) الآشورية التي بنيت على نهر دجلة على يد الملك الأشوري “شلمنصر الأول”، وكانت عاصمة الحكم خلال الإمبراطورية الأشورية الوسيطة.
كما تعرضت الآثار العراقية خلال الاحتلال الأمريكي عام 2003 لعملية نهب ممنهجة طالت المتاحف والمواقع الأثرية. ومؤخرا، نجح العراق باسترداد 17 ألف قطعة أثرية مؤخرا من واشنطن بينها قطعة أثرية يعود تاريخها إلى 4 آلاف عام، والتي كانت قد هربت خارج البلاد في خضم الفوضى الأمنية التي رافقت احتلال الولايات المتحدة للعراق عام 2003.
وختاما
يبدو أن التراث الحضاري سواءا في العراق أوالوطن العربي يحتاج إلى شيء آخر غير حفظ أسمائه في لائحة تراث العالمية، فهو يحتاج لحمايته من السرقة، والتدمير الممنهج من قبل جهات مختلفة من بينها دول أعضاء في منظمة اليونسكو ذاتها.
إعداد الصحفية أمل معروف