روافد تراثية مستوحاة من الطبيعة العمانية
أولت سلطنة عمان اهتماماً كبيراً للصناعات الحرفية منذ بداية عهدها، باعتبارها جزءاً مهماً من الثقافة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع العماني وأحد أهم الروافد التراثية العمانية.
وبفضل التنوع الجغرافي للسلطنة الذي يضم مختلف البيئات الحضرية والبدوية والساحلية و الجبلية، تنوعت وتعددت منتجات الصناعات الحرفية، نتيجة تنوع خامات الطبيعة لهذه البيئات، ما أضفى على هذه الصناعات ميزات هامة تتنوع بتنوع البيئة.
ومنذ الألف الرابعة قبل الميلاد أي قبل حوالي ستة ألاف سنة، عرفت عمان قديماً بـــاسم (مجان) أي أرض السفن أو ميناء السفن، و تميزت باعتياد سكانها على الحياة البحرية، و استغلال ثرواتهم لصالح تطوير حياة الإنسان العُماني، فكان لهم بذلك نشاط بحري كبير، دفعهم إلى صناعة السفن. وهو ما أدى لاشتهار بعض مدن السلطنة الساحلية، بصناعة السفن مثل صحار و صور و مطرح و مرباط، إذ توجد هناك أنواع كثيرة من هذه السفن أهمها الجالبوت، السنبوق، البدن، الغنجة، البغلة، الشاشة و البوم.
وحول طريقة بناء السفن، يقول أخصائيون إن الباني لا يتبع أسلوباً هندسياً جاهزاً، بل يمشي وراء حدسه الفني، مستخدماً مهاراته بالتصنيع، وهو ما جعل أهل عُمان يتمتعون بحرفيةٍ عالية في بناء السفن، بل حتى وصل بهم الأمر إلى إعداد التصميم الفوري للسفينة، في الوقت نفسه الذي تُبنى فيه، أي أن الرسم والبناء يتمان في وقتٍ واحد.
وترى صانعي السُفن يُزيّنون مراكبهم بالأشكال المحفورة من الورود، إلى جانب كتابة الأقوال المأثورة و الحكم.
وكانت صناعة السفن الكبيرة تحتاج عاماً كاملاً، أما مراكب الصيد الصغيرة تتطلّب نحو ثلاثةِ أشهر فقط، أشهر تلك المراكب التي اشتقت أسمائها من اللهجة العمانية، مثل القنجة، السنبوق، أبو بوز، الهوري وغيرها الكثير من الأسماء.
و تعد منطقة “صور” الواقعة شرق السلطنة، واحدة من أشهر أحواض بناء السفن العُمانية، وهي تبعد عن العاصمة مسقط نحو ثلاثمئة وخمسين كيلو متراً و فيها العديد من المصانع الشهيرة لبناء السفن، وقد ورث أبناؤها حب هذه المهنة عن أجدادهم وآبائهم، ما أدى إلى استمرار هذه المهنة في سلطنة عُمان إلى وقتنا الحالي.
إعداد: آلاء فهمي